الأزمة الاقتصادية العالمية ترفع أعداد الفقراء في الدول النامية

حذر عدد من
المؤسسات الإنسانية العاملة في مجال مكافحة الفقر في العالم من زيادة
كبيرة في عدد الذين يعانون من الجوع، حيث وصل الرقم إلى نحو مليار إنسان،
يعيش معظمهم في آسيا وأفريقيا، وذلك وفقا لما ذكره معهد واشنطن لأبحاث
السياسات الغذائية في تقرير حديث.

كما
توقعت المؤسسات ازدياد أعداد الفقراء في الدول النامية على خلفية الأزمة
الحالية التي تعصف بالأسواق المالية العالمية، والتي لا ناقة لهم فيها ولا
جمل.

وقال تقرير لمجلة "ذا ايكونوميست" تناول الأزمة الاقتصادية
العالمية وتأثيرها على الدول الفقيرة والنامية إنه بعد نحو تسعة اشهر من
انهيار "ليمن براذارز" لا تزال الأزمة الاقتصادية العالمية تجثم على صدر
العالم وتحوز أخبار ميزانيات البنوك وأرباحها فضلا عن انخفاض معدلات
التصدير وأنباء إفلاس المؤسسات وفقدان الوظائف على اهتمام وسائل الإعلام
في الغرب، غير أن بعدا آخر للازمة التي بدأت في الدول الغنية بدأ يتجلى
بوضوح في الأطفال ناقصي الوزن والأمهات الحوامل المصابات بالأنيميا الحادة
في الدول الفقيرة في الأعوام الأخيرة.

أرقام الأمم المتحدة

ويعطي
تقرير للجنة التغذية التابعة للأمم المتحدة أول تقدير لتأثير الأزمة
الاقتصادية على أكثر مجموعة من البشر تأذت من الأزمة ألا وهم فقراء
العالم.

ويشير التقرير إلى أنه في الفترة من العام 1990 إلى 2007
ارتفع عدد الجياع في العالم بنحو 80 مليونا على الرغم من أنها فترة تميزت
بارتفاع الدخول في الدول النامية مع زيادة مطردة في تعداد السكان.

وزاد
عدد الجياع نحو 40 مليونا آخرين في العام 2008 وحده ليصل إلى 963 مليونا
وهو رقم يساوي في عام واحد نصف الزيادة في نسبة الجياع حول العالم طوال
الـ17 عاما الماضية، بمعنى أخر ارتفع عدد الأطفال والنساء الحوامل اللواتي
لا يحصلن على كامل احتياجاتهم الغذائية.

ويتوقع التقرير أن يزيد
عدد الأطفال ناقصي الوزن من 121 مليونا إلى 125 مليونا بحلول العام 2010
وذلك بفرض عدم تغير حجم الاقتصاد العالمي على الرغم من توقعات انكماشه
بنسبة اثنين بالمئة هذا العام.

وتوقع البنك الدولي أن تتسبب الأزمة الاقتصادية العالمية في وفاة ما يقرب من 200 ألف إلى 400 ألف طفل سنويا حتى العام 2015.

كما ركزت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي الذي صدر الشهر الماضي على قضايا تحقيق العدالة ومحاربة الفقر في العالم.

وشدد
التقرير على ضرورة محاربة الفقر والاهتمام بالأوضاع الإنسانية في عدد من
البلدان لاسيما بؤر التوتر في السودان وفلسطين وأفغانستان والعراق وعدد من
الدول الأفريقية.

ارتفاع أسعار الغذاء

ويواجه
الفقراء أزمتين، الأولى تتمثل في الكساد العالمي والثانية في ارتفاع أسعار
الغذاء. فعلى الرغم من انخفاض أسعار الغذاء عالميا لم يترجم هذا الانخفاض
إلى آخر مماثل في أسعار الغذاء في الأسواق المحلية بأغلب الدول الفقيرة
مما أدى إلى عدم استفادة الفقراء من هذا الانخفاض.

وانخفضت أسعار
الغذاء إلى اقل مستوى لها في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي ومنذ ذلك
الحين ارتفعت نحو 26 بالمئة. وفي الدول شديدة الفقر ارتفعت الأسعار منذ
وصولها إلى اقل معدل لها بنحو 50 بالمئة لتبتلع ما قيمته 50 إلى 60 بالمئة
من مداخيل العائلات.

وأشار التقرير إلى أن ارتفاع أسعار السلع
الغذائية يدفع المواطنين في الدول الفقيرة إلى الاستغناء عن الغذاء غير
الرئيسي والبدء في الحد من كميات الأطعمة ونوعية الأطعمة التي يتناولونها
مما يلحق الضرر بصحتهم، ويقدر التقرير عدد النساء الحوامل في الدول
النامية اللواتي يعانين من الأنيميا التي تسبب نقصان أوزان المواليد مع
معاناتهم من مشاكل صحية بنحو 50 مليون أمرآة أو ما تبلغ نسبته 40 بالمئة
من إجمالي النساء الحوامل، مع توقعات بأن تزيد بنحو 1.2 مليون سيدة في
أسيا و700 ألف أخريات في إفريقيا.

رئيس البنك الدولي

وكان
رئيس البنك الدولي روبرت زوليك قد أكد في الـ12 من الشهر الجاري أن
الاقتصاد العالمي سينكمش خلال العام الحالي بحدة اكبر مما حدث خلال الأشهر
الثلاثة الماضية، وهو ما يؤكد على الحاجة إلى الاستعانة بمصادر الثروة
المتوفرة من اجل مساعدة البلدان الفقيرة.

وأوضح زوليك أنه على
الرغم من أن النمو قد يعود مجددا في عام 2010 إلا أن الدول النامية ستظل
تعاني من آثار الأزمة الاقتصادية، وستواجه تداعياتها المتفاقمة اذا لم
تنتعش حركة صادراتها ويعود تدفق الاستثمارات الأجنبية إليها.

وهذه
ليست المرة الأولى التي يحذر فيها زوليك من مخاطر الأزمة الاقتصادية
العالمية على الدول الفقيرة. فقد حذر في إبريل/ نيسان من وقوع كارثة
إنسانية فيها ما لم يتم القيام بتحرك سريع وعاجل. ودعا زوليك الدول الغنية
للقيام بجهد أكبر لمحاربة الفقر في دول العالم النامية.

ورفع
صندوق النقد الدولي من نسبة توقعات نمو الاقتصاد العالمي من 1.9 في المئة
إلى 2.4 في المئة خلال هذا العام، ومتوقعا حدوث انكماش نسبته 1.3 في المئة
خلال أبريل/ نيسان الماضي في الاقتصاد العالمي.

ومن منظور البنك
الدولي تتهدد الدول الفقيرة كارثة إنسانية من زاويتين، الأولى تتمثل في
تراجع المساعدات والاستثمارات المباشرة نتيجة نقص السيولة وانكماش
اقتصاديات الدول الصناعية الكبرى، والثانية ترتبط بتراجع الأسواق على وقع
تراجع الطلب وانحسار التجارة بين الدول.

ولم تتمكن الدول الفقيرة
من تطوير فكرة الإقتصاد لديها وفضلت أن تبقى سوقا لتسويق رؤوس أموال الدول
الكبرى في مشاريع تخدم استهلاك الدول الصناعية.

وارتبطت الدول
الفقيرة بالسوق الرأسمالية من زاوية هشة لا تتعدى النموذج الهندي في توفير
اليد العاملة الرخيصة لفروع كبرى الشركات الغربية قبل أن ينتبه الفيل
الآسيوي إلى الفخ الرأسمالي منذ عقد من الزمن ويطور اندماجه في السوق
الرأسمالية من خلال نقله للتكنولوجيات و تركيزه على الطلب الداخلي.

وأثرت
الأزمة الاقتصادية العالمية بدرجة أقوى على تلك الدول التي أهملت تطوير
الأيدي العاملة واستسلمت لأن تصبح سوقا للدول الرأسمالية والصناعية مما
وضعها على شفا كارثة إنسانية بمعنى الكلمة
.

» برنامج الجرائد الجزائرية و العربية و العالمية......نسخة جديدة _